كشمير- هجوم باهالغام والقمع المتصاعد ومخاوف التطهير الديموغرافي

المؤلف: د. حفصة كانجوال09.05.2025
كشمير- هجوم باهالغام والقمع المتصاعد ومخاوف التطهير الديموغرافي

في الأسبوع الفائت، شهدت منطقة باهالغام في كشمير الخاضعة للاحتلال الهندي حادثة مروعة أودت بحياة ستة وعشرين شخصًا. المثير للأسى أن جميع الضحايا، باستثناء كشميري واحد، كانوا من السياح الهنود الذكور. سارعت الحكومة الهندية إلى توجيه أصابع الاتهام لجماعة مسلحة تتلقى دعمًا من باكستان، زاعمةً أنها المسؤولة عن هذا الهجوم الشنيع.

تحت دائرة الضوء، وُجهت التهم بشكل خاص إلى "جبهة المقاومة"، وهي جماعة تأسست في كشمير عام 2019 كرد فعل غاضب على القرار الهندي بإلغاء الحكم الذاتي الجزئي لكشمير، وبأنها هي من نفذت هذا العمل الإرهابي.

إلا أن "جبهة المقاومة" بادرت بنفي هذه الادعاءات في بيان رسمي صدر بعد أيام قليلة من الحادث، معلنةً أن حساباتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي قد تعرضت لعملية اختراق إلكتروني.

في المقابل، رفضت الحكومة الباكستانية بشكل قاطع أي صلة لها بهذا الهجوم، واصفةً إياه بأنه "عملية تضليل" مدبرة من قبل الحكومة الهندية بهدف تشويه سمعة حركة التحرير الكشميرية.

في هذه البقعة الجغرافية المضطربة والرازحة تحت وطأة التوترات السياسية العميقة، غالبًا ما تكون الحقيقة هي أول الضحايا. قد لا يتسنى لنا أبدًا معرفة الجناة الحقيقيين وراء هجوم باهالغام. لكن الأمر المؤكد الذي لا شك فيه، هو أن سكان كشمير الأبرياء، كما هو معتاد، هم من سيدفعون الثمن الأكبر لهذه الفاجعة.

في غضون الأيام القليلة الماضية، أطلقت الحكومة الهندية حملة قمع واسعة النطاق، أسفرت عن اعتقال ما يقرب من 1900 كشميري. وفي بلدة كوبوارا، لقي رجل كشميري مصرعه خلال عملية اقتحام لمنزله.

وفي حادثة أخرى مأساوية، قُتل شقيق أحد المسلحين في مواجهة مزعومة تم تلفيقها. بالإضافة إلى ذلك، تم هدم ما يقرب من عشرة منازل بحجة أن أصحابها ينتمون إلى جماعات مسلحة. نتيجة لذلك، فقدت عائلات بأكملها كل ما تملك، وتحطمت آمالهم وأحلامهم.

وعلاوة على ذلك، تصاعدت وتيرة الأعمال العدائية والعنف ضد الكشميريين المقيمين في مناطق مختلفة من الهند. وردت أنباء متواترة عن تعرضهم للضرب والترهيب والاعتداءات الانتقامية الجماعية.

نتيجة لهذه الظروف القاسية، اضطر العديد من الكشميريين الذين يعيشون في الهند لأغراض العمل أو الدراسة إلى العودة إلى ديارهم خوفًا على حياتهم. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي الهندية، ارتفعت الأصوات المطالبة بتطبيق "حل إسرائيلي" في كشمير، وتصاعد خطاب الكراهية والإبادة الجماعية ضد السكان، مع الدعوات إلى معاملة كشمير على غرار معاملة غزة. ولم تتوقف التهديدات عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل التهديد بالعنف الجنسي ضد النساء الكشميريات.

لا يعتبر هذا الأمر مفاجئًا، بالنظر إلى أن الحكومة الهندية لطالما نظرت إلى إسرائيل باعتبارها نموذجًا يحتذى به. تعد الهند أكبر مستورد للأسلحة الإسرائيلية، وتتعاون الحكومتان الهندية والإسرائيلية بشكل وثيق في مجموعة واسعة من السياسات الدفاعية ومكافحة التمرد، والتي تستخدم بشكل أساسي ضد الفلسطينيين والكشميريين على حد سواء.

في خضم هذه الأحداث المؤلمة، تهيمن أخبار الهند وباكستان على عناوين الصحف العالمية، في حين يتم تجاهل معاناة شعب كشمير ونضاله الطويل من أجل تقرير المصير، بالإضافة إلى القمع الممنهج الذي يتعرضون له يوميًا.

منذ عام 2019، تعيش المنطقة تحت وطأة حصار خانق. من خلال إلغاء الحكم الذاتي لكشمير، تسعى الهند جاهدة لتغيير طبيعة الصراع الكشميري بشكل جذري. وتسعى حاليًا إلى إحداث تغيير ديموغرافي في الإقليم ذي الأغلبية المسلمة لصالح الهندوس، بهدف القضاء على حركة تقرير المصير المستمرة التي تطالب بإنهاء الحكم الاستعماري الهندي.

تتم هذه المحاولة من خلال مسارين رئيسيين: أولهما الاستيلاء على الأراضي، مما يؤدي إلى تجريد الكشميريين من أراضيهم ومصادر رزقهم وممتلكاتهم.

أما المسار الثاني، فهو الهندسة الديموغرافية؛ حيث تم إصدار أكثر من 83 ألف شهادة "إقامة" لغير الكشميريين (مواطنين هنود) منذ عام 2022، مما منحهم حقوق الإقامة التي كانت حكرًا على مواطني كشمير الأصليين.

هذا يعني أن هؤلاء الحاصلين على الإقامة الجديدة أصبح بإمكانهم التصويت وشراء الممتلكات والعمل في كشمير. ومع مرور الوقت، سيزداد عدد الهنود الذين يحملون شهادة الإقامة، مما سيحول الكشميريين إلى أقلية في أرضهم التاريخية.

بالإضافة إلى هذه التحولات الجذرية ذات التبعات طويلة الأمد، شهدت مرحلة ما بعد 2019 أيضًا قمعًا شاملاً للمجتمع المدني في كشمير. لا يزال المدافعان عن حقوق الإنسان، خُرّام برويز وإرفان مهراج، من "ائتلاف المجتمع المدني في جامو وكشمير"، يقبعان في السجون الهندية بتهم باطلة تتعلق بدعم الإرهاب.

وتشمل قائمة السجناء السياسيين أيضًا ياسين مالك، وآسية أندرابي (ناشطة كشميرية تعاني من تدهور في حالتها الصحية في سجن تيهار سيئ السمعة في نيودلهي). وقد طال النسيان قضية سجناء كشمير ومعاناتهم.

وعلاوة على ذلك، أصبح من الصعب للغاية على الكشميريين التعبير عن آرائهم ومواقفهم. يتعرض الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والأوساط الأكاديمية والمنظمات الأخرى لقمع شديد وممارسات تقييدية.

يمكن لأي شخص أن يُتهم بموجب قانون مكافحة الأنشطة غير المشروعة (UAPA) – وهو قانون مكافحة الإرهاب سيئ السمعة في الهند، والذي يسمح بتصنيف الأفراد كإرهابيين دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة – لمجرد كتابة مقال أو التظاهر ضد فظائع الدولة.

كما تم تقييد حرية حركة آخرين من خلال تعليق جوازات سفرهم أو إدراج أسمائهم في قوائم حظر السفر. يعيش الناس في خوف دائم وهلع مستمر، حتى من بعضهم البعض، مما دفع الكثيرين إلى ممارسة الرقابة الذاتية. والواقع أن معظم الكشميريين كانوا يعيشون في حالة من الكفاح المستمر من أجل "البقاء على قيد الحياة" حتى قبل وقوع هذا الهجوم المأساوي.

لقد شجعت الإبادة الجماعية المروعة في غزة دولًا مثل الهند، التي رأت ما استطاعت إسرائيل الإفلات به خلال العام ونصف العام الماضيين. وبذريعة هجوم باهالغام، تستطيع الهند أن تفعل أي شيء بالكشميريين، وتزيد من قمعهم وتصعيد العنف ضدهم دون حسيب أو رقيب.

غير أن هذا العنف لن يحظى بعناوين رئيسية في وسائل الإعلام الدولية، ولن يتلقى إدانة قوية من "المجتمع الدولي". وحتى يتم التركيز بشكل جاد على شعب كشمير وتطلعاته المشروعة عند الحديث عن التوترات المستمرة بين الهند وباكستان، لن يكون هناك أمل حقيقي في تحقيق أي استقرار دائم في هذه المنطقة المضطربة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة